سوف تلهو بنا الحياة..
حين كنت في عمر المراهقة
كنتُ أستكشف عالم أم كلثوم، حتى وصلتُ إلى إحدى أشهر أغانيها
وكان دومًا يستوقفني مقطع: “سوف تلهو بنا الحياة”، وكانت سذاجة عقلي آنذاك تسأل: كيف للحياة أن تلهو بنا؟ ألسنا نحن من نلهو بها؟ ألسنا نحن من نلاحقها نحو المجهول دائمًا؟
واستمرت أفكاري هذه تزورني كل ما تغنّت "الست" بعبارتها تلك
وكنتُ كل ما سمعتُ هذه العبارة، أبتسم مراراً وتكراراً لسذاجة ذلك النص
مرّت الأيام وانقطع صوت "الست" من خلفية روتيني، لأسباب مجهولة
إلى أن سمعتها مؤخرًا، وقالت: “سوف تلهو بنا الحياة وتسخر”.
كنت حينها في عمق لهو الحياة بي، وسُخريتها مني، كأن الحياة كانت لاهية بي، مسخرةً كل قواها وجنودها لألهو عن نفسي.
تعجّبت؟:
كيف للحياة أن تلهو بي وتسخر مني إلى هذا الحد؟ كيف لها أن تأخذني مني نحو المجهول؟ أن تسرقني من عالمي، من قلمي، من هواياتي؟ أن تسرقني من أم كلثوم نفسها؟
وبعد صراع طويل بين تعجبّي ومواجهتي مع الحياة..
لقد تبين أنها لهت بي فعلًا، ولهيتُ بها أيضًا.
فوجوديتنا في هذا الكون، مقياسها لهونا.
كلما لهونا، كلما شعرنا بأننا ذوو قيمة، وبأننا هنا لغاية.
وكأن اللهو هو غايتنا، وأن غاية الحياة هي اللهو بنا.
لكن هذا بعيدٌ حقًا عن الصواب.
نحن لن نستطيع أن نحدد كيف للحياة أن تلهو بنا . لكن نحدد مدى تأثير اللهو هذا علينا..
ما إن أخذتك هذه الحياة من نفسك، فهنا تكمن الخسارة الحقيقية..
لنلهو، ونسخر – نحن والحياة – من بعضنا البعض. لكن، ما إن شعرتَ أنها تلهو بك عن عالمك
قف، توازن، و الْهُ عنها في عالمك أنت، بقوانينك أنت ، بسخريتك أنت..
كتب في الثاني من أذار ٢٠٢٥
على ألحان أم كلثوم
Comments
Post a Comment