أبديّة…

 

قرأت مرّة نص يقول: “الحياة بحد ذاتها مؤقتة، فبأي حق نبحث عن أبدية الأشياء؟”

فعلاً، بأي حق؟

أؤمن بالمراحل والمحطات،

وأؤمن بأبدية الأشياء في آن واحد..


كأن يغادر حياتك شخص، إلا أن ذكرياتكم ما زالت ساكنة بك ولم تغادرك..

كأن تترك مكانًا مرغماً، وهذا المكان لا يتركك بتاتًا..


لا أعلم،

أشعر أن أبدية الأشياء تسكن بنا نحن، بالذكريات، بالأماكن، وحتى بالروائح…

تزورك في أكثر الأمور عشوائية، تزورك بين الحين والآخر؛ تتفقد مكانتها في أرفف حياتك،

وكأن نسيانها محرم، وأبديتها واجب عليك..


أؤمن بأبدية المرات الأولى من كل شيء، أبدية لهفتها وحيرتها..

أؤمن بأبدية الذكرى، الضحكة، اللمسة، وحتى الدمعة..

تلك الأبدية شكلتنا، خططت منحنى اختياراتنا، ورسمت طريقنا لما نحن عليه الآن..

تلك الأبدية عاشت بنا، لنعيش ونروي،

نروي سطور قصتنا عن مراتنا الأولى، ضحكاتنا، خيباتنا، وأحلامنا.


لولا أبديّة المشاعر هذه،

لما فرقنا بين المرات الأولى والأمور الاعتيادية،

وكنا سنتشابه جميعًا بقصصنا ورواياتنا..

كنا سنشعر أن الحياة أبدية من هول الملل والشبه، ولن نعيش لذتها بأنها فعلًا مؤقتة...

فشعور أنها مؤقتة هو أبدي ساكن بنا أيضًا، أليس كذلك؟


لنعيش ونروي أبدية المشاعر اللطيفة، تلك التي انتشلتك من أقسى أيامك لتذكرك بإنسانيتك،

ونروي أبدية المشاعر الصعبة، الصعبة التي شكلت منك هذه النسخة الأقوى..


ولتكن كلماتي هذه أبدية في حياة أحدكم، وفي حياتي أنا أيضًا..



كتب في الثلاثين من تشرين الأول ٢٠٢٥

بين الشجر ، السحب ، ورائحة العشب

Comments

Popular Posts